رسالة المتنبي الأخيرة إلى سيف الدولة
بيني وبينك ألف واش ينعب | فعلام أسهب في الغناء وأطنب |
صوتي يضيع ولا تحس برجعه | ولقد عهدتك حين أنشد تطرب |
وأراك ما بين الجموع فلا أرى | تلك البشاشة في الملامح تعشب |
وتمر عينك بي وتهرع مثلما | عبر الغريب مروعاً يتوثب |
بيني وبينك ألف واش يكذب | وتظل تسمعه .. ولست تكذب |
خدعوا فأعجبك الخداع ولم تكن | من قبل بالزيف المعطر تعجب |
سبحان من جعل القلوب خزائنا | لمشاعر لما تزل تتقلب |
قل للوشاة أتيت أرفع رايتي | البيضاء فاسعوا في أديمي واضربوا |
هذي المعارك لست أحسن خوضها | من ذا يحارب والغريم الثعلب |
ومن المناضل والسلاح دسيسة | ومن المكافح والعدو العقرب |
تأبى الرجولة أن تدنس سيفها | قد يغلب المقدام ساعة يغلب |
في الفجر تحتضن القفار رواحلي | والحر حين يرى الملالة يهرب |
والقفر أكرم لا يغيض عطاؤه | حينا .. ويصغي للوشاة فينضب |
والقفر أصدق من خليل وده | متغير .. متلون .. متذبذب |
سأصب في سمع الرياح قصائدي | لا أرتجي غنماً ... ولا أتكسب |
وأصوغ في شفة السراب ملاحمي | إن السراب مع الكرامة يشرب |
أزف الفراق ... فهل أودع صامتاً | أم أنت مصغ للعتاب فأعتب |
هيهات ما أحيا العتاب مودة | تغتال ... أو صد الصدود تقرب |
يا سيدي ! في القلب جرح مثقل | بالحب ... يلمسه الحنين فيسكب |
يا سيدي ! والظلم غير محبب | أما وقد أرضاك فهو محبب |
ستقال فيك قصائد مأجورة | فالمادحون الجائعون تأهبوا |
دعوى الوداد تجول فوق شفاههم | أما القلوب فجال فيها أشعب |
لا يستوي قلم يباع ويشترى | ويراعة بدم المحاجر تكتب |
أنا شاعر الدنيا ... تبطن ظهرها | شعري ... يشرق عبرها ويغرب |
أنا شاعر الأفلاك كل كليمة | مني ... على شفق الخلود تلهب |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق