الخميس، 19 أغسطس 2010

غازي القصيبي الحب والموانئ السود

مدخل:
قبل أن ترتعش الكلمة كالطير.
قفي!
وانظري أي غريب
أي مجهول طواه معطفي
وخذي صبوتك الحمقاء عني..
واختفي.
واقفٌ وحديَ في الميدان
والفجر على الأفق حصان
شده الشوق وأرخاه العياء
والمدينة
تتلقى قبلة الصبح بشيء من حياء
وعلى كفيَّ منديلك أشذاء حزينة
آه! ما أقسى طلوع الفجر
من غير حبيب
ورجوعي كاسفا لا شمس عينيك
ولا سحر اللقاء
*
أوَ تدرين لماذا
كلما قربنا الشوق نما ما بيننا
ظل جدار؟
ولماذا
كلما طار بنا الحلم أعادتنا
إلى الأرض أعاصير الغبار؟
ولماذا
كلما حركنا الشعر غزانا النثر
فالألفاظ فحم دون نار؟
أوَ تدرين؟
لأن القلب ما عاد كما كان
بريئا
طيبا كالنبع.. كالفكرة.. في الليل
جريئا
عاد يشكو تعب الرحلة ما بين
الموانئ السود في هوج البحار
الميناء الأول:
كنت بريئا
أهوى الألعاب
أهوى أن انطلق سعيدا
فوق الأعشاب
أن أبني بيتا من رمل
أن أهدمه فوق الأصحاب
ووقفت على هذا الميناء
فوجدت أمامي جَمْع ذئاب
بوجوه رجال
إن حيوا أدمتك الأظفار
إن ضحكوا راعتك لأنياب
وإذا غضبوا أكلوا الأطفال
وتعلمت هناك الخوف
الميناء الثاني:
كنت بريئا
قالت لي أمي لا تكذب
قال أبي الصدق نجاة
وعشقتُ الصدق
صدق العَين.. وصدق القلب
وصدق الكلمات
ووقفت على هذا الميناء
فسمعت الناس ينادون الأقبح
أنت الأجمل!
والأكرم أنت الأبخل!
والبغل أنت الفحل!
واللص عفيف الذيل!
فتعلمت هناك الكذب
الميناء الثالث:
كنت بريئا
لا أملك أوهامي
ونجومي المنثورة في الأفق
ودفاتر شعر أسكنها
وتعشش فيها أحلامي
ووقفت على هذا الميناء
قال الناس : أعندك بيت
غير قوافي الشعر العصماءْ؟
قال الناس: أعندك أرض
غير أراضي الشعر الخضراءْ؟
وأصبت بداء المال
الميناء الرابع:
كنت بريئا
فجَّ الإحساس
لا أبصر فرقا بين الناس
الكل سواء
الكل لآدم من حواء
ووقفت على هذا الميناء
فرأيت صغيرا وكبيرا
ورأيت حقيرا وخطيرا
هذا يجلس والناس وقوف
هذا يمشي فتسير صفوف
هذا يستقبله الحجاب
هذا يترك خلف الأبواب
وأصبت هناك بحمى المجد.
خاتمة:
فتنتي ما بيننا قام دجى
من ضياع .. ورياء .. وطموح
عبثا أفتح روحي للهوى
بعد أن عدت إليه.. دون روح
1395هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق